انتقال المرأة المُحادة مِن بيتها .. |
السؤال: توفي والدي فهل يجوز لوالدتي أن تنتقل في السكن لأحد بيوت أولادها لكونها كبيرة في السن ومريضة ؟
الجواب : يجب على المرأة المحادة على زوجها أن تمكث في البيت الذي كانت تسكن فيه عند موت زوجها ؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فقد روى أصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفريعة بنت مالك : ( امكثي في بيتك الذي جاء فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله ، قالت : فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا ) رواه أحمد وأهل السنن وصححه الألباني ..
- ورخَصَّ أهل العلم أن تنتقل المرأة المُحادة لغير بيتها لأعذارٍ شرعية ، قال الإمام ابن قدامة : " إن خافت المرأة المُحادة هدماً أو غرقاً أو عدواً أو نحو ذلك ، أو حوّلها صاحب المنزل لكونه بإجارة انقضت مدتها ، أو منعها السكنى تعدّياً ، أو امتنع من إجارته ، أو طلب به أكثر من أجرة المثل ، أو لم لم تجد أجرة البيت فلها أن تنتقل ؛ لأنها حال عذر ، وإذا تعذرت السكنى ، سقطت ، ولها أن تسكن حيث شاءت " . انتهى من "المغني" 291/11 .
- وسُئل علماء اللجنة الدائمة برئاسة العلامة ابن باز عن امرأة مات زوجها وليس في مدينتهم أحد يقوم بمسئوليتها ، فهل لها أن تعتد في مدينة أخرى ؟
فأجابوا : إذا كان الواقع كما ذكر من أنها لا يوجد في البلد الذي مات فيه زوجها من يقوم بمسئولياتها وشؤونها ، ولا تستطيع أن تقوم هي بشؤون نفسها ، جاز لها شرعاً أن تنتقل إلى بلد آخر تأمن فيه على نفسها ، وتجد فيه من يقوم بشؤونها " انتهى .. فتاوى اللجنة الدائمة (20/463) ..
وجاء فيها أيضاً (20/473) :
" إذا كانَ تحول أختك المتوفى عنها زوجها من بيت الزوجية إلى بيت آخر في أثناء عدة الوفاة للضرورة ، كأن تخاف على نفسها من البقاء فيه وحدها ، فلا بأس بذلك ، وتكمل عدتها في البيت الذي انتقلت إليه " انتهى .
- وبناءً على ذلك : يحرُم على المرأة المُحادة أن تنتقل مِن بيت زوجها للسكنى في بيت آخر أو بلد أخرى إلا إذا كان في بقاءها حرج ومشقة أو فتنة لها في دينها أو ضرراً عليها بوجه من الوجوه كأن يكون البيت موحشاً ، أو لا مؤنس لها فيه ، أو لا أحد يقوم بمصالحها ، أو يكون مُستأجراً فيأمرهم مالك البيت بالخروج ، أو يكون في مكان مخوف ونحو ذلك من الأعذار المعتبرة شرعا فحينئذ يجوز لها الانتقال من البيت لموضع آخر يتحقق لها فيه الأمن والأنس والرعاية والسلامة مِن الفتنة والضرر لقول الله : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم ) متفق عليه ، ولأنَ النبي صلى الله عليه وسلم رخصَ لفاطمة بنت قيس لما طلقها زوجها ثلاثاً في الانتقال لما خافت أن يُقتحم عليها كما جاء في صحيح مسلم ، وقد رخص أهل العلم في ذلك ، وإذا سقط عنها حكم الوجوب بالإقامة في بيت زوجها جاز لها السكنى والانتقال في أي موضع سواءً كان داخل البلد أو خارجه .
- وعلى هذا إذا كانت إقامة والدتك منفردةً في بيتها فيها مشقة ، ولا يتيسر لأحدٍ أن يقوم عليها جاز لها الانتقال إلى بيت أحد أولادها ليقوم برعايتها لكبر سنها ، ولكونها مريضة ، وحاجتها إلى الإهتمام ، ولا حرج عليها إن شاء الله في ذلك ، وبهذا يفتي كبار مشايخنا كسماحة الشيخ ابن باز والعلامة ابن عثيمين رحمهما الله وغيرهما ، والله المستعان ..
- أسأل الله أن يغفر لوالدكم ، وأن يسكنه الجنة ، وأن يحفظ والدتكم بخير وعافية والله أعلم ..
كتبه : خالد بن محمد السـعران تويتر : @khaled_alsaran |